الأحد، 5 يوليو 2009

وجهان لعمله واحده

وجهان لعمله واحده

في فناء المدرسه يتهادى ثلاثتهن في هدوء متكاسل غير مكترثات بما يدور حولهن من صراخ دائم من القائمين على حفظ النظام بالمدرسه و كانهم مسئولين عن كتيبه جيش تشق طريقها في صحراء قفر يحيط بها الخطر من كل جانب, بينما هن لاهيات عن كل هذا غير مكترثات بما يحيط بهن من صراخ و كأن النظام لن يستتب في المدرسة دون أصواتهم الصارخه التي تصم الاذان.

في هذه اللحظات تراها تسير دأئما في الوسط يتعلق في يديها صديقتيها تتهادى بينهما في دلال مطلقه ضحكاتها المرحه التي تحمل خليط بين الطفوله و أنوثة فتاه تسير بخطى سريعه بعيدا عن عهد طفولتها القريب.

 

في تلك اللحظات ترقب المعلمه تلك الفتاه ,سعيده بحيويتها التي تتحرك بها مرسله شعرها حر في مرح دائم بينما صديقتيها المنبهرات بها, يسرنا معلقتان بيديها مرتديتان طبقات من الطرح مختلفه الالوان.

حتى جاء هذا اليوم الذي ارتقت تلك المعلمه مسند احدى مقاعد الفصل في المقدمة و بدأت في التحاورمع عدد قليل من الفتايات في إحدى المناسابات الدينيه المسيحية, التي يصروا فيها انها اجازه خاصه باصحاب الديانة فتصر التلميذات المسلمات على المشاركه باعطاء انفسهن هذا اليوم اجازه, فيصبح عدد الحضور لا يزيد عن ربع العدد الاصلي , الذي يصل في الغالب الى السبعين يقل عن هذا قليلا او يزيد قليلا ,و في هذا اليوم يتوقف المعلمين عن الشرح و بذلك تحقق الفتيات غرضهن الحقيقي من الحضور و هو اللهو الذي يختلف فيما بينهن, فمنهن من لايزال يحتفظ بكثير من ملامح الطفوله فيصبح لهوهن هو احدى الالعاب الطفوليه مثل الاستغمايه وعروستي و غيرها , بينما البعض الاخر منهن من فقد كثيرأ من ملامح طفولته, يحدثنا حلقات صغيره للثرثره فى امور أنثويه تهمهن مثل هيامهن باحدى نجوم الغناء او التمثيل و خلافه من موضوعات عن الموضه و ادوات التجميل و الاهم هو الحديث عن فتي الاحلام الذي في هذه الاونه لم يعد فارس بعيد المنال كما كان يحدث في ازمنه سابقه حيث اصبحت البنات اكثر جرأة وقد سهل التليفون المحمول الذي تحمله نسبه كبيره منهن على توطيد العلاقه بين الجنس الاخر و تحديد المواعيد السريه وربما تجد أحيانا الفتايات خاصة في هذه المناطق العشوائيه يرتدون طوق ذهبي في اصبع أيديهن اليمنى دليل على انهن مخطوبات لكن هذا لا يمنع ان يكن لهن علاقات متعدده.

 في لحظات التحاور التي أبتدعتها المعلمه في هذا اليوم سمعت ما أصابها بالدوار ,تلقت حكاياتهن التي بدأن يروينها لها بضحكات يتصنعن فيها الخجل الذي لم يعد له مكان داخهن باعين زائغه و متسعه عن أخرها دلالة الدهشه العارمه ,يتملكها شعور طاغي بانها كائن فضائي جاء من عالم آخر و ان ثرثراتها عن المستقبل و الحريه و تحقيق الذات و الطموح عبارات و هميه فقدت بريقها تلقيها على مسامع الفتايات اللائي يبدون في الظاهر انهن يسمعنها لكن واقع الامر انهن لاهيات عن هذا الحديث باحدث رنات المحمول و الفتى الذي غدر بأحدى صويحباتهن و حلم الحريه السهل الوهمي الذي من الممكن ان يقدمه لهن عريس يخطفها سريعا من سطوت ابويها و خاصة أمهاتهن اللائي يضعن الاف القيود و يتففنن في كسرها دون ان تدرك هذه الام انها تمارس دورا قياديا لحمايتهن باساليب عفى عليها الزمن و ان اساليب كسر الرقابه اصبحت اكثر سهوله و تطور عما كانت ايام محاولة تلك الام أصطياد زوج حالمه بنفس  وهم الحريه السهل الذي لا يكلفها الاصطدام بارض الواقع الذي يغلف عقول الفتايات بالكثير من الاوهام تلهيها عن طريقها ,حتى تكتشف و قت لا ينفع التراجع انها أضافة قيد جديد الى قائمة قيودها و انها ستظل تحيا حياه سريه باقي عمرها او تتحجر وتحاول ان تفرغ تلك القيود في ابنتها , فتستمر الدائرة المفرغه في الدوران بلا توقف.

شردنا كثيرا عن تلك الفتاه و صويحباتها التي لا تمل من حديثها لهما عن سينما كزموس التي يصحبها اخوها اليها لتشاهد افلام تامر حسنى ومحمد سعد و هنيدي و خلافه من تلك النوعيه من الافلام التي لا يملكوا مشاهدتها الا من خلال الكمبيوتر او وصلات الدش المنتشر في تلك الاحياء .

كم كانت المعلمه سعيده بها لانها تتحدث عن انها لن ترتدي يوما هذا الغطاء و انها سوف تترك شعرها حرا طليقا دائما و لكن في هذا اليوم أكتشفت انها كانت ذاهله عن حقيقة الواقع الذي تحياه تلك الفتاه و لا يختلف كثيرا عما يمنح لصويحباتها رغم غلاف الحريه الخارجي الذي يبدو عليها , أكتشفت أنها تحيا نفس اوهامهما  محاوله اختيار الطرق المختصره السهله و ان ما هي عليه فلسفه اخرى تنتهجها بعض الاسر تصب في نفس الهدف و هو اصطياد زوج  يريحهم من عبأ تربية فتاه في البيت, بينما هي تبحث عن زوج يحقق أحلامها دون ان تكلف نفسها عناء أستخدام عقلها بعيدا عن هذا الحلم الوهمي .

جلست تلك المعلمه الحالمه التي ظنت أن كلماتها كعصى سحريه تمررها على رؤس الفتيات فتملأ قلوبهن شوقا للحريه و عقولهن املا في الخلاص الحقيقي من الاسوار العاليه  التي فرضها عليهن المجتمع ,لكن لشد ما كان ألمها و هي تسير ساهمه في طريق عودتها لجدران بيتها التى تحتمي به, مازال هناك طريق طويل و شاق هناك غطاء رقيق غير مرأي يغلف عقل الفتايات غير تلك الاغطيه المزركشه الكثيره او السوداء او ايا كان لونها التي يضعنها على روسهن و نراها جيدا .

 تتوقف لحظات تنفض عن رأسها الضيق الذي بدأ ينتشر في جميع  اوصالها ,مازلنا إماء ننتظر من يحررنا فلا نجده الا قيد أخر, مازلنا بضاعه تباع و تشترى , نظل نلمع في ظاهرنا لنبهر الشاري و عندما يقع في فخ شراء البضاعه, نفقد الرغبه في الاستمرار فتفقد البضاعه بريقها .

أكملت طريقها محدثه نفسها, لكنه جيل مختلف؟ ,هل يدرك الفخ سريعا و قبل فوات الاوان؟  هل يسترجع يوما ما سمع من كلمات و يلفظ الغث منها و يتبع الجيد ؟ام ان الاختلاف انه يجيد استهلاك التكنولجيا في تحايله على من حوله, لكن لا يجيد التفكير ومحاولة تغيير من حوله؟!!!!